قالها دون خجل أو مواربة من عيون الله المنتشرة عند أفق البحر، أريدكِ. قالها وهويبتسمُ غيظاً من حافة السقوط تحتَ صوت البحر، وهو يمتعض غيرة من صديقه في أحضان الغريبة، ومن صديقه الآخر المسافر طولاً في الصحراء ليحضى بقبلة واحدة فقط من حبيبته على شاطئ اسكندرية، قالها بعد سيل جارفٍ من الشتائم الوقحة على مسامع هذا الكوكب المنفي من بقعة حياة تصلح لعاشقين، قالَ أريدكِ واستبرقت عيناها عشقاً، وانخرط الموج في شبق من التّمني .
قد لا تكونَ ثائراً ببندقيّة أو حجر ومقلاع أو حتّى ثائر بقلمٍ وورقة، قد لا تكون إلا مواطن عاديّ يقتات من ترابِ أرضه ما يسد جوعه وجوعَ عائلته، قد تكون فلاحاً أو بائع تجوّل أو عامل أو عاطل عن العمل كثيراً، لكنّك إذا ما كنتَ عربي في بلد عربي سيحتّمُ عليكَ أن تكون كلّ ما ذُكر، لأنكَ عربي وفي بلد عربيّ أخضر لا بدّ لكَ أن تكونَ ثائراً جائعاً تقفُ بالصّدر العاري أمام زخّاتِ مطرٍ من رصاص، أن تقفَ بالقدم الحافيَة أمامَ العالم أجمعَ وتصرخَ بأندى الأصواتِ وأعلاها معلناً ثورة الخُبز والشعب، وتُشعل من جسدكَ فتيلاً لثورة لا تنتهي الاّ بانتهاء الحُكم الظالم وبارتفاعِ رايات النّصر والحُريّة، ستزحفُ للحُريّة ما دُمتَ حيا، وأهلاً بالموتِ أهلاً إن كانت كرامة الشّعب هيَ المُقابل، ستخرجُ للشّارع رافعاً الرّاية الحمراء بنجمتها وهلالها ولن يُرهبكَ صفّ من الغُزاة الحائلينَ بينكَ وبينَ الحُرية بينكَ وبينَ النّصر المُحتّم، ستصرخُ لأنكَ متعطّش للثورة، متعطّش للحُرية الحمراء، ومتعطّش لكسرة خبز معجونة بالكرامة الانسانيّة .
أن تكُون عربياً في بلدٍ لا يحملُ من الأرض الخضراء إلا أعلاماً خضراء وتنديدات الله أكبر ليسَ لكَ إلا أن تثور بصمتٍ وتلعن وتكفُر وتستنكر وتغار وتستشيط غضباً وغيرةً وحسرةً على حالكَ ووطنكَ وشعبكَ الأعزل، أن تنظرَ لماضيكَ بعيونِ الحسرة وتنظرَ لحاضر إخوانكَ هُناك بعيون من الأمل والألم، ستستذكرَ ثورةً صنعها ألفُ جسدٍ مُحترق، ولن تنسى كسرة خبز الفداء ودماء حمراء روَت زيتونة الدّار، ستقفُ بعينٍ ال” لو “ وال “يا ليت” و لأنكَ مواطنٌ عربي واقعي لا يحلمُ كثيراً بصمتٍ أخر ستندّد “ هيهات هيهات “ !
ولأنني هُنا باسمي وشحمي ولحمي العربي الفلسطيني المُنتمى كامل الانتماء لكل ثورات الشعُوب المُضطهدة حُكومياً، أنا تُونس ومَع تُونس وليحيا محمد بوالعزيزي ثائراً مُمجداً بعربة خُضاره وجسده المُحترق، وسأنشدُ وليسَ بصمتٍ “ في غزّة – في فلسطين يا ثورة زُورينا “ …